الاثنين، 4 مايو 2009

لماذا يا ترى: بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى



لماذا يا ترى
:
حين قررت إسقاط تعريفه من المسنجر الخاص بى كنت قد أجمعت أمرى وروضت ماردى وأقنعته بضرورة الفراق.
ذبلت زهور مودتى فلم تعد هذه العلاقة خلابة كبدايتها، لم تعد تجذبنى وتأخذ لبى كما كانت، لم يعد فيها ما أسرنى وأدار عقلى وأجج مشاعرى.
كثيرا ما سألت نفسي من أين جاء طائر الفتور وضرب بجناحيه على وهجى.!
لم أعرف سوى أن ولادة السأم كانت من عنده، وأننى لم أصبر.. وعدم صبرى هو احتكام لصوت كرامتى المذبوحة بطول الكذب، وخلف الوعد، فتأرجحت كثيرا في التماس الأعذار حتى سقطت أرجوحتي.
 كان قلبى نبعا صافيا قبل أن يلوثه بزيف الحب.
يقولون: ليس بين المحبين كرامة.. وأقول: بل كل الكرامة.. لى رأى مختلف عما ينصح به المحبون بعضهم البعض.
أنا على عكسهم ليس فى الحب تسامح.. نعم طالما الخطأ متعمد فليس هناك حبا.. ومادام ليس حبا فلماذا نخدع النفس ونستمر.  (إما تكون مشاعرَ أو لا تكون) 
تجاهله لى أحيانا كان متعمدا، كيف يتجاهلنى وأنا حبيبته، كيف يصبر على غيابى والحب لهفة وشوق، كيف يترك وردتى بلا رى لفترات طويلة وحين تميل رأسها ضعفا يسرع بالماء، بل كيف يقسو بكلمات غير ملهمة، والحب انتقاء اللفظ الجميل.
 ابتعدنا شهرين، ثم عاد بعدها تماما كما قال الشاعر: (وبراءة الأطفال فى عينيه)
يريد أن يستعيد المشاعر.. فلم أستجب، وقلت لنجعلها صداقة.. رفض وزمجر، وهدر ورغى وأزبد ولم يحصل مني على الكلمة التي يتمناها.
هل كنت قاسية كما وصفنى.؟! أم كنت أحميها من السقوط.!!
الأمور عنده محددة وواضحة، أقسم أنه يحبنى ويريد ألا يقلَّ حبي له.
الأمور عندى غير محددة الملامح.. هل أصدقه لأنه أقسم وبداخلى شك.!
هل أقول له أحبك ويملؤنى القلق.!
وهذا الحزن المعتق في قلبي كيف الخلاص منه.؟! وفراق الشهرين كان.. لماذا.؟
لم يبرر غيابه بما يقنعني، ولم يعتذر عنه، ولم يشكُ من عذابه فيه، قرر الابتعاد وقرر العودة، يظنني الدمية التى يلهو بها.!! ولن أكون.
رفضت هذا المنطق حتى لو ذبت شوقا إليه.
عناصر المشاعر عندي مختلطة: يغلبني الحنين إليه، ويرجوني أن أُسمِعه كلماتي التي ينتشي لها، وإصراري على عدم الفعل، كان بعدم قدرة حقيقة تنبع من أعماقي وغصة تخنقني.
كررت مقولتى:
-  لنكن صدقين.
.. وتحداني. قال : - لا أستطيع لبس ثوب غير ثوبي
- أنت تحبيننى.. ولا تقدرين غير أن تحبينني، ولو قالوا إن كل العالم كرهني لا أصدق أنك فيهم.
وزاد في غروره بقوله: يتمنعن وهن الراغبات.
هنا فقط ربط على قلبي، سعدت بعبارة يتمنعن وهن الراغبات. ليكن.. مادام هذا التمنع لحفظ ماء الوجه، واستجابة لنداء الكرامة، ليكن هذا التمنع مع الرغبة من قبيل قوة الإرادة. ولماذا لا تكون إرادتي قوية وترفض هذا الهراء ألم يقدر على بعدي شهرين.؟ لماذا لا أستطيع أنا شيئا استطاعه.
ومضيت أضع أزرار صدريتى التى فتحتها للحياة في عراها.
هذا المعنى الجديد الذي قررته ضد نداء أعماقي.. يكلفني دماء بيضاء تفقد دوما قدرتها على الدفاع، فأعاود لتقويتها وأحثها ألا تضعف.
أراه على الماسنجر أكلمه مرة ومرات أتجاهله، هو يفعل نفس الشيء، وصار كل منا ينتظر من الأخر أن يبدأ الكلام ليرد باقتضاب وكسل.
استسلم  لصدى فلم يعد يحاول استمالتي، وظننت أن الأمور هدأت والقلب في سبيله ليغفو.
ولكنه كان يغافلنى ليرسل لى إشارة مشعة تذكرني به تسألني عنه.
هناك شيء ما يطرق من بعيد وهذا الطرق حينما يلتقى بالفتور يحدث تمزيقا مؤلما في النفس.. ما هذه الحالة من اللا جدوى.. ولماذا الاستمرار في هذا الملل العاطفي.. لماذا التلكؤ وادعاء القدرة على الثبات.
لماذا لا أبتعد نهائيا ودون مقدمات وقبل أن تحدث الخلافات وتبادل الاتهامات.. ويجرح القلب جرحا لا يندمل.. لنكن حكماء ونكسب الذكرى.
قمت بعمل حظر حول اسمه ثم حذف، فلم أعد أراه، لم يكن هذا فقط، بل      حذفت كلمات له كنت أحتفظ بها من أيام شدوه، أيضا حذفت رقم تليفونه.
 يا إلهى ما هذه الراحة التى انتابتني، فعلا البعيد عن العين بعيد عن القلب.
صرت من حكيمات النت المشهود لهن بين الأصدقاء، كلما وجه إلىَّ سؤال مفادة مضايقة نتية أنصح بالحذف السريع وأُعدد مزاياه.

وطال الوقت.. كأنه سعيد بهذا القرار، كأنه كان يريده ومتحرجا أن يكون البادىء، لم يسأل أين ذهبت، لم يجرب التليفون، لم يبعث برسالة اليكترونية.!!
عاتبت نفسي على هذا التفكير السطحي كأنني في انتظار رسالة منه تدلني على ندمه لفقدي.!
عندما وجدت المسنجر يطلب مني قبول شخص أضافني وينتظر  قبول دعوته  قبلت الإضافة.
وقرّ في نفسي أنه هو.. يريد أن يعرف هل اختفائي متعمد أم مصادفة.
هل انطويت على نفسي واستسلمت لليأس.؟ ابتسمت للخاطر ابتسامة المنتصر.
الآن عرف أننى أسقطته من حساباتى، استغنيت عنه وهو الذى يعتز بنفسه حتى الغرور، فهو كثير المدح لذاته ذاكرا قدراته الخارقة وخفة دمه الفائقة وألمعيته الواعية. و..........و..........
وعندما قلت له ذات مرة:
 (لا تظن نفسك ليس لك شبيه، يوجد منك كثير ومعدل)
 لم يصدقني واستمر في غروره.
الآن عرف قدره حين عاد متربعا فى الماسنجر  باسم جديد، يخفي شخصيته وهو يكلمني.. لكن مواعيد دخوله وخروجه من النت هي ذاتها، تعليقه على الكلمات ذات التعليقات، حتى علامات الترقيم هي ذاتها، وكثيرا ما يكتسب ظهوره اللون الأصفر علامة البعيد وذلك عندما يكون مشغولا بعمل ما..
 كلما رأيت تلك العلامة تخيلتها (حدب) على ظهره. فأبتسم شماتة، عندما تأكدت أنه ليس هو  سقطت فى أتون القلق من جديد.. أزرع أيامي سؤالا.. لماذا يا ترى.؟