الأحد، 4 ديسمبر 2011

صدفة وأنت لؤلؤة:



صدفة وأنت لؤلؤة
:
حينما وصفتنى بالصدفة الرقيقة التى يتكون بداخلها اللؤلؤ رأيت نفسي صدفة ضعيفة، فيها الرقة الهشة التي تغري بالامتلاك، ورقتي هي ضعفي وأنت تحب ضعفي تحب كلمة نعم، حاضر، أمرك ولا شيء آخر.
أكملت وصفك وأنت تضحك وأنا اللؤلؤة التي تتكون بداخلك.
ضحكتك الصفراء أكدت عندي المعنى، وأنا بيتك الذي يحميك وينتقل معك أينما ذهبت، كم أشعر بضعفي وعزلتي بقربك برغم أنني البيت.!
أنا البيت الجامد الحجري وأنت الكائن الحي بداخله.
سعدت بطفل يلهو على الشط حين التقطني وأخرجني من الماء، مشي بي بطول الشاطيء بعيدا.. بعيدا، وأنت تصرخ بداخلي أوشكت أن أموت، القمر الآن فى كامل استدارته. نعم أعرف أن هذا الضوء يزيد من سرعتك على الفناء.
ولكن لماذا تتألم.؟ أنت تموت داخل بيتك وأنا لا ذنب لي، الطفل هو الذي أخرجني من الماء، فرح بالصدفة ولم يعبأ بك.. لم ينتظر حتى تتكون لؤلؤة غالية، أنا الأن في طريقي لأزين منضدته على ما يبدو.
 سلمنى الطفل إلى أمه، تفحصتني مليا.. صاحت:
الله ما أجملها صدفة لكن بداخلها حيوان.
آسفة يا حبيبي لقد وصفتك بالحيوان.
أمسك الطفل بعود خشبي أدخله في قلبي لكي يخرجك منه، مهشما مقطعا إربا.
ما باليد حيلة يا نبضة القلب.. قد كنت قلبي ونبضي رغم أن الحياة لا تتم إلا بك، قد كنت سمعي وقولي رغم أن الأمور بناصيتك، وأنا البيت الذى يؤويك ويضمك ويحميك من العبث والبرد، كنت متمردا عليه جاحدا لدفئه، تنتظر يوم أن يتم تكوينك، لتهجرني وتتمرغ بين أيدى الأثرياء المترفين.
تزين فص أصابعهم، تبرق في تاج رؤوسهم، تتلألأ فوق صدر عاجي دون أن تعرف عن مصيري شيئا.
شاءت الأقدار أن أعرف أنا مصيرك.. الموت متفسخا، فوق الشط، مختلطا بالرمل، تدوسك الأقدام، وكلما داستك كنت تغوص في حبات رماله.
ما كنت تعلم كم هو مؤلم ترك السكن، والبعد عن المكان الذي يؤويك غير الساعة.
لا تظنني شامتة، أنا  أتألم مثلك ولكنه العجز عن فعل شيء، كيف أصيح أتركوه لي، أنا أولى بتكوينه، أنا حضانته وملاذه الآمن، حتى لو تركني بعدها وتمرغ في النعيم.. صوتي لا يسعفني، عنفك أضعفه.. قوتك وأنت تسحبني وراءك أينما ذهبت، صوتك وأنت تأمرني بما تريد، وأنا أخفض رأسي موافقة دون بنت شفه، تباهيك بعشيقاتك أمام عيني وسمعي فأغض الطرف حتى لا يسبب لك حرجا.. كلها أشياء خفضت من علو صوتي من قدرتي على الاستغاثة لكي أنقذك من مصيرك المؤلم.
أعلم أنني سأمضي باقي عمري دون كائن حي بداخلي، وأعلم أن في ذلك جفاف أشبه بالموت الذي لاقيته ولكنه مصيري عاجلا أم آجلا،  القدر هو الذي عجَّل بالنهاية، والنهاية بهذا الشكل رغم أنها مخالفة لناموس الحياة إلا أنها القصاص لي من جبروتك وضعفي، من قسوتك وألمي، من تمردك وصبري، منك كلك على كلى.
ها هم بعد أن نظفوا قلبي منك وضعوني بين أغراضهم وحملوني إلى بيتهم، أنا البيت أعيش في بيت آخر، في ذل آخر، كرهت حياة الطاعة لابد من عمل شيء للتخلص من هؤلاء القساة الذين مزقوا لحمك.. لن أدعهم يعبثون بي بطريقتهم الخاصة، يطفئون سجائرهم في قلبي.. لا إنه مصير أكثر قسوة، لا حل سوى أن أسقط من يد الصبي فأتهشم.. ألست مثلك لم يكتمل نموى.

الأحد، 4 سبتمبر 2011

ليته لم يقل لى



ليته لم يقل لى
:
الحب أجمل ما فى الدنيا.. كنت سأظل أبحث عنك طوال العمر، ألا نسعد بأن التقينا.. بأن جاء الحب.. من الطرفين.. لماذا تفكرين فى الهروب.. قاسية جدا أنت ياحبيبتي على نفسك وعلي.. أخشى قسوتك.. تهدديننى دائما بالهجر.. أشعر بهبوط فى قلبى كلما تفوهت بها.. لا أثق فى استمرار حبك.. ضنين قلبك.. دائما يتوهم ما يساعده على الفرار.  
وقلت: 
  أبحث عنك خلال السنين.. أتعقب عينيك فى الليالى المقمرة، وفى المعتمة.. فى ظلال الشجر وصفحة الغدير.. فى مسافات السفر الطويل، وبلاد الفرنجة.. وبين أوراق كتبى أقرؤك.. أتشربك.. أدخر نفسى لك.. حنينى وأشواقى. 
وقلت :
  زغرد قلبى عند رؤيتك.. عزف لحن اللقاء، فإذا بك تهوين الترحال.. تهوين زرع القلوب على الشواطىء، والتلويح لها بالأيدى مودعة.. أحاول أن أطيل اللحظة، لحظة الوداع مفزعة نجملها بعبارة إلى لقاء.. وسؤالى الملح لماذا الوداع؟ لماذا؟ بلا جواب  
وقلت :
  نتعاهد ألا نفترق.. أعدك بسعادة ووصال.. بمثول على عتبتك.. لك ما تبقى لي من  العمر.. عدينى أن تبقى معى بقية العمر.  
وعدتك   
تكسر عنادى أمام إصرارك.. أسدلت يدىَ الملوحتين بوداع كما تقول.. أنمتهما بين راحتيك.. أطبقت جفنى على صورتك.. طبعتها فى ذاكرتى.. رسمتها على شغاف قلبى.. أسلتها بين عروقى.. رويت بها خلاياى العطشى. 
و.. نبتت فى قلبى زهرة مثل زهرة عباد الشمس.. تتهدل حين تبتعد، تتفتح عندما يهل سناك.. أحببتك.. و.. فضحتنى عيناى..أسعدنى بوحهما.. التففت بثوب الحب ثوب جرىء يلقى بكل المحظورات ولا يهاب عيونها.. طغت فرحة القلب على الوجنتين..لهيبهما محبب..ومضت العينان. 
 انتفضت عيون كثيرة من حولى.. دغدغها خدر الوهم.. لا بأس..فليحب الجميع سحقا لأيام البلادة والخمول.. أمرنى الحب أن آتى إليه طوعا أو كرها.. رددت أنا وقلبى.. أتينا طائعين. 
 وصلك خطاب العمل فى مكان بعيد.. رحلت وفى عينيك لهفة.. تتثلج أطرافك كلما اقترب الموعد . 
- أتتركنى بعدما !!    
-  لن أبدأ يومى إلا بسماع صوتك.  
عشقت رنين الهاتف..  ينقل صوتك الحنون.  
- احبك..  كم أوحشتنى . 
 - رقيق جدا ياحبيبى.. إنها نقطة ضعفى.  
 - وضعفى أنا أيضا .
باقى اليوم لا ينتهى حوارى مع الهاتف.. فى نظراتى إليه مودة.. كأنه بعض منك   أرى صورتك من خلاله.. ألقى إليه بالتحية.. أستئذنه.. أدعوه لطعامى.. وسيط القلبين هو.. أنام فى جواره.. يمنحنى دفء الأمان.. أغمض عينى نشوانة    أفتحهما على الرنين. 
- أمنية.. صباح الخير.  
  صباح الزهور.. كل العطور.. صباح الحب.. أحقا هذا اسمى.. كيف حولته إلى نغم؟
- حلمت بك.. متى يتحقق الحلم.  
- الحقيقة أجمل من الحلم.  
مرات قليلة تقع الأله النابضة فى الحرج.. عندما تطيل الصمت.. تتحمل عتابى   تأسف لدموعى.. يغلبنى الشوق تسمعنى أناديك. 
«أين أنت ياحبيبى؟ طال انتظارك.. ألم أخطر فى خاطره!! يارب ضع يده فوق القرص.. حرك أصابعه بأرقامى»
-  يا الله.. هذا رنينه.. يتناغم مع رنين قلبى.  
- ألو  
-  معك عادل  
-  الدنيا كلها معى إذن.. أنسيتنى؟   
-  لم أنس.. ولا أقوى، ولا أريد .
-  انتظرتك طويلا.. الإنتظار نار فى نار.  
   -  أرغب فى أن أطفىء النار.  
- أرغب فى  دوام.. اشتعالها.. أزكيها فى قلبى صباح مساء.  
أغزل من كلماتك عقود نور لجبينك.. أغان تعزفها أوتارى إلى أذنيك..اسمع.  
  - حلوه 
 - فقط حلوه.. كأننى لست راويتها.. كأنك لست ملهمها.. ألا تدرى كم يكلفنى تجسيدها؟ الانشغال الدائم.. أنحتها من أعصابى أخضبها بدمائى.. أزكيها بأنفاسي.. أشعر بفتوره.. ينكمش عتابى فى قلبى.. بداخلى موج يطوى الزبد، ويبقى السطح صافيا رائقا كما أريده.
 ممتنة لك بهذا الحب.. أخلصه من أوراقه الجافة والصفراء، أعرضه للشمس، تُنبِتُ  له أوراقا جديدة، خضراء لامعة، وطرية .
يالفرحة قلبى بك.. أقبلك هاتفى الوفى.. نقلت إلىّ أسعد خبر ينتظره قلبى.. سيعود   غدا تتفتح زهرته.. يحمل لى مفاجأة سارة.. لم تنم عيناى حتى أمسكت يداى بمفاجئتك الرائعة.. مذكراتك.
كم هو رائع أن تدون حبك لي يوما بيوم..على بالك دائما.. فى ذهنك وبين أوراقك.. سعادتى غمرت ما تقرأه عيناى.. ولكن الواقع بددها  
  ماذا أقرأ.. يومياتى أنا، أم يومياتك أنت.. مشاعري أنا أم مشاعرك أنت؟ 
  - صرنا اثنين فى واحد.  
 - تحصى على أنفاسى.. تسجل خطراتى.. كلماتي.. وأنت!! أين كل ما قلت!! لم أر منه حرفا ؟ أين أنت ؟ أين خلجاتك أنت.. كلماتك أنت..  مشاعرك أنت؟
 - أنتِ أقرب إلى من نفسى . 
 - لا. بل يأبى كبرياؤك أن يدون على نفسه إدانة.. حتى يسهل عليه الانسحاب متى أردت . 
- ليس هذا صحيحا.  
- إذاً كنت تناجينى فى غيبة قلبك، فلمَ لم تظهر له بصمة على قلمك . 
 - أعدك أن أكتب ما يرضيك.
- لا أريد ما برضيني.. أريد مشاعرا متدفقة..لا تعدنى بشىء.. يكفينى حيرة قلبى.. أيفرح بما اقتنص فى غفلة الزمن   سعادة زائفة.. أم يتنهد قائلا : 
 -  ليته لم يقل لى.. كل ما قال.