أحلام مرتعشة
أنهيت اللمسات الأخيرة.. شكرت مرآتي.. خطوت
قافزة.. أتمني لو ينبت ليه جناحان
فأصل إليه سريعا.
(تفعصت)
أناقتي في كتل اللحم البشري داخل الأتوبيس.. الأجساد المكدودة تبعث بخمائر مقززة..
لو طالت قامتي خمسة سنتيمترات استنشق الهواء القليل السابح فوق الرءوس.
نسيت أوجاعي وهو يحيطوني بذراعيه.. لو قصرت
قامتي خمسة سنتيمترات تغيب رأسي في صدره وتستريح.
مع حديثه عن عش الزوجية قفزت أحلامي متجاوزة
أسوار حديقة الأندلس.. ظلت تعلو وتعلو.. أرادت أن تخترق الحجب تقرأ المستور.. لو
كنت عرافة طلع علي الغيب وأتعجل الأحلام.
قال:
الرجل الملعون يماطل في تسليمه الشقة..
يطالبه بمزيد من المال.. المركب الصغير يتهادي فوق مياه نيلنا العذبة.. لو كنت
وريثة (أوناسيس) أبني له يختا يحمي حبنا من الضياع.
احتميت بصوته :
- أضحي من أجلك مهما تكبدت من مشاق.
لو كنت (ليدي سمبسون) تكون حجم التضحية
التنازل عن العرش.
تشابكت أصابعنا.. خطونا فوق أرض مدينتنا
المتبرجة.. أضواء.. أبواق.. ماركات كثيرة لسيارات تداعبنا.. شكرتها.. كم كانت
مداعبتها تزيد من تشابك أيدينا والتحامها!
انعطفنا جانبا.. ما أحن صدره حين التقطني..
التوت ساقي بفضل حفرة صغيرة في الطريق.
انطلقنا نغني سعيدين.. فجأة تحشرج الصوت..
انحبس.. الأنفاس تتلاحق.. تلاقت عيوننا في حيرة أدركت حجم التضحية.. ارتخت
أصابعنا.. تباعدت.. الطابور طويل.. طويل.. مرهق.. مهين.. ثمن باهظ لزوج من الفراخ
البيضاء.. لو كنت نباتية!
تجاوزنا الطابور.. ضاع الطريق.. افتقدنا لهفة
الأيدي جبنا الشوارع في صمت..
البسمة باهتة والنظرة شاردة.
اصطدمت بصبي يلعب بالكرة.. اكتشفت أنهم
كثيرون.. الوقاحة في ألفاظهم.
شاهدت هذا الرجل وأمثاله أكثر من مرة.. يقف
علي ناصية طريق أو وسط ميدان..
يهذي.. يشكو.. يفصح حينا ويغمغم أحيانا..
يلتف حوله الناس.. يقولون مجنونا
يقولون مسكينا.. يقولون كان رجلا محترما و..
مطحونا.
صافحت عيوننا لافتات السينما.. ( أنا وهو
والمستحيل) والمستوردات عطور وأدوات تجميل.. واجهات المحال تفصح عن أنواع
الموبيليا الفاخرة.. مفروشات.. عصائر.. مأكولات سوبر.. هززنا كتفينا معا.
ازدرد ريقه :
- مر وقت طويل.. سبع سنوات كاملة.
تهدج صوتي :
- والعمر يضيع والشباب ينزوي.
قال :
- ولا بارقة أمل.. خذي طريقا مختلفا قد
تدركين ما فات.
وقف كل منا في نهاية طابور طويل في ميدان
التحرير في انتظار سيارات الميكروباص.. التف الطابور والتوي وما عاد يري أحدنا
الأخر.
انزويت في حجرتي.. تكورت علي نفسي.. اجتررت
ما حدث ألف مرة.. طوابير..
لعب كرة.. مماطلة.. جنون.. تشرد.. زحام.
واجتررته ألف مرة بالعكس أحلام مرتعشة..
أصابع خائفة.. بساط أخضر مهترئ..
مياه نهر تجهل المصب..و.. سبع سنوات.. شعرت
بالاختناق.. الاختناق.. لو كنت لم أولد.
.......................................
.......................................
ـ نُشر فى موقع دنيا الرأى على
الرابط التالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق