الأحد، 4 نوفمبر 2012

أبو الولد: قصة بقلم الأديبة والكاتبة الصحفية نادية كيلانى


أبو الولد
ملت مطاردته كل ليلة.. تريد أن تنعم بحلم رومانسى بعيدا عن مشكلات النهار.. صاحت فى وجهه.
- ماذا دهاك يا أبا الولد..؟ ألم تمت..؟!! ألم يشغلك ما أنت فيه وتتركنا فى حالنا..؟!
أجابها فى يأس:
- من أين الراحة يا أم الولد ..؟ أريد أن أطمئن عى ابنى.
اشتدت عصبيتها:
- ابنك ..؟ أم كما أنت متعب فى حياتك ، متعب فى مماتك.. يعز عليك أن تريحنى منك ليلة واحدة.. ولو ليلة.
لا والله يا أم الولد، أنا بالفعل مشغول على ابنى.
- ألم يمت أب ويترك طفلا..؟ منذ أن مت وأنت تلاحقنى فى أحلامى.. تسأل عن ابنك، وأطمئنك عليه.. ماذا تريد أن تطمئن عليه هذه المرة، وأحصل منك على وعد.
- وعد..! بماذا..؟
- أن تريحنى منك للأبد..
- للأبد..! مستحيل.. مستقبل ابنى يشغلنى، تمنيت أن أربيه على عينى.. أوصيك به خيرا يا أم الولد.
- أطمئن.. إنه ابنى.
- الحياة صعبة عندكم.. نضطر فيها لكثير من التجاوزات ثم نتعذب هنا بسبب ما اضطررنا له فى الدنيا.
لان صوتها:
- وماذا فى وسعنا يا أبا الولد..! فلا تكن أنت والدنيا علينا.. ألا يكفى أنك مت وتركتنى أقاسى الوحدة ، وأتحمل مسئولية ابنك صغيرا وحدى.
بمرارة المضطر:
- أريده أن ينعم بطفولة هادئة.
- اطمئن .. اشتريت له كل لعب الأطفال رغم غلاء ثمنها، ولكنه لا يلعب بها.. ويحطمها.
- لماذا..؟
- تشده برامج التليفزيون أكثر.
- - لا بأس التليفزيون وسيلة ترفيه وتثقيف.
- لا تروق له برامج الترفيه والتثقيف يا عزيزى.
- وماذا يعجبه إذا .. فمن ميوله تستطيعين التعرف على شخصيته.
- يميل إلي المصارعة الحرة وأفلام الهند الدموية.. وأساطير هيركليز.. هذا ما يأخذ لبه أكثر.
- إذن اشغليه بأصدقاء فى مثل عمره.
- حاولت لكننى لا أعرف عمره.
صائحا:
- كيف يا أم الولد..! أليست عندك شهادة ميلاده..!
- لم تعد السن تعرف بشهادة الميلاد.. اللغة والتصرفات أكبر من سنه الفعلى.. الفهم والاستعاب أقل بكثير من السن المدونة في شهادة الميلاد.. وأنا فى حيرة من أمرى.
- وأصدقاؤه..؟ ماذا عن اصدقائه يا أم الولد..؟
- على شاكلته.. يصعب جدا التفريق بينهم.. كل شىء هنا أصبح متشابها.. فى العبارة، فى الملبس، فى الحركة، فى الصوت واللحن، حتى فى رسم الصورة.. كله.. كله لا فرق.
- لا تحزنى يا أم الولد هذه فورة الشباب.. حافظى له على المبادىء التى تربينا عليها .. فالولد من منبت طيب.. ويستجيب للخير.
- لم أنس هذا مطلقا.. لقنته: ( حب لأخيك ما تحبه لنفسك)
- بالتأكيد استجاب.. أليس كذلك.
- على العكس.. نظر إلى باستخفاف وقال:
 ( إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب)
- أيضا لا تقلقي.. اهتمى بالغذاء.. فالعقل السليم فى الجسم السليم كما تعلمين.
- اشتريت كتابا خصيصا فى أصول التغذية كى أنتقى له المفيد.. لكننى فشلت عند التنفيذ.
- وما السبب يا عزيزتى..؟
- اصطدمت بعتبة التحذيرات.. الطيور محقونة بهرمون يعطل الرجولة..
والخضراوات والفاكهة المصنوعة فى أحضان الصوبة تعطل الأنوثة،
والطيور موبوءة، والأبقار مجنونة، والأسعار أجارك الله.
صرخ بجنون:
- ولد واحد ولا تقدرين على تربيته..؟ ربتنا أمنا عشرة ولم تشتك.
صرخت أكثر:
- أتقارن زمنى بزمن أمك..! ألم أقل أنك تأتى لتستفزنى لا لطمئن على ابنك..!
ازداد صراخه وحدته:
- كفى عن الشكوى يا امرأة.. لو كان الأمر بيدى لقدمت طلب استعجال باستدعاء الولد إلي هنا. 
...................................................

ـ نُشرت هذه القصة فى موقع دنيا الرأى على الرابط التالى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق